يصرخ البعض فى وجهى متربصا مهددا.. ويهمس الآخر مخوفا محذرا.. وينصح ثالث مؤازرا ومشفقا.. فلاتزيدنى كلماتهم إلا تماسكا وتحديا، ربما ينتابنى بعض من القلق رغما عنى. تتراءى أمام عينى بعض من مشاهد لمصير معتم.. وثمن باهظ يمكن أن يدفع ومكائد يمكن أن تدبر وتعصف بما لايحمد عقباه. تضربنى المخاوف لكن بمجرد أن أفكر فى الكتابة وأهم بالضغط على مفاتيح الحروف ما تلبث السكينة والهدوء أن تعود لنفسى، وتمتلئ على العكس ببعض من التحدى . ليس غباء ما أفعل ولا إدعاء لبطولة ومكايدة، وتعمد الوقوف فى وجه الريح.. ليس عنادا طفوليا أحمق ولا تعاليا على تخوفات المحذرين أو إحتقارا لتهديد المتربصين واستهانة بقلق المتعاطفين المشفقين.. لكنها قناعة بأمانة الكلمة وتمجيدا لقدسيتها.. إحتراما لبسطاء آثرت ألا يكون قلمى مسخرا لغير صالحهم، ومرآة لأوجاعهم وصدى لهمومهم ومشاكلهم.. لا أدعى البطولة فهناك من هم أكثر منى شجاعة وتضحية وقوة.. فقط أحاول ما استطعت أن أكون واحدة ممن يحملون أمانة الكلمة.. لايخشون بطش سلطان ولايبهرهم ذهبه.. لايهرعون لنيل جزرته ولا تفزعهم عصاه وبطشه. ليس تحديا أرعن لكنه إنحياز لما هو فوق السلطة وأكبر من أى سلطان..عشق لوطن لن ينهض من غير حرية ولن يعلو من غير إنتماء ولن يسمو من غير ديمقراطية وعدالة إجتماعية وكرامة وطنية.. لن يرتفع شأنه بينما توئد أصوات المعارضة وتقيد الكلمة الحرة وتحجب الآراء المخالفة .. لن يسمو وطن بينما نزرع فى قلب شعبه الخوف ونبث فيه الرعب والفزع.. لن تعلو هامته بينما نتعمد أن تصم آذانه ونحجب رؤاه ونرغمه على سماع صوت واحد يمجد النظام ويبجله.. لن نواجه تحدياتنا ونتغلب عليها إذا ما استمرت النظرة المتربصة بكل معارض على أنه عميل، وكل مخالف للرأى بإعتباره خائنا وكل متحفظ على سياسات النظام بتصنيفه طابورا خامسا وممولا ومنتميا لجماعة إرهابية.
إفرحوا بمشاريعكم العملاقة لكن لاتخونوا من يوقن بفقه الأولويات ويؤمن بأن هناك من هو أهم كان من المفترض إنفاق المليارات عليها.
هللوا للمزارع السمكية والأفدنة المليونية، ومئات الطرق والكبارى المبنية لكن لاتحجروا على من يئن من الغلاء وضيق الحياة وأزمة المرض ويصرخ مطالبا بوضع حد ونهاية لها .
تحمسوا ما شئتم لتعديلات دستورية ترون فيها مصلحة البلاد، وإمتثالا لضغوط تقتضيها ظروف أمنية وحالة إستثنائية وطارئة تمر بها، لكن لاتصموا آذانكم عن أصوات ترى فى ذلك تكريسا لهيمنة الفرد وتقليص صلاحيات السلطة القضائية.
برروا كما يحلو لكم فى مد سنوات الرئاسة وعدم الإكتفاء بمدتين للرئيس.. لكن لاتتجاهلوا الأصوات المحذرة من التلاعب بالدستور وتفصيله وفق هواكم، ولاتنكروا أن من بين تلك الاصوات من هو أكثر حماسة وتأييدا للنظام.
تعاودنى من جديد صدى الكلمات المحذرة، لكن يطغى عليها كلمات أستاذنا الصحفى الكبير كامل زهيرى رحمه الله " إقرأ كأنك تعيش أبدا واكتب كأنك تموت غدا " كلمات محفورة فى عقلى، وإن كنت مقصرة فى تحقيق ما يجعلنى أعيش أبدا، لكنى أحاول دائما أن أكتب بلا خوف فربما أموت غدا.
------------------
بقلم: هالة فؤاد